النجف – الإخبارية 360
رغم الانتشار الواسع للكتب الإلكترونية عبر الأجهزة الذكية، ما يزال الكتاب الورقي يحافظ على مكانته بوصفه وعاءً للثقافة والذاكرة الإنسانية، خصوصاً في سوق الحويش للكتب بالنجف الأشرف، أحد أعرق المراكز الثقافية في العراق، حيث تصطف رفوف المكتبات بعناوين قديمة وحديثة تروي قصة مقاومة الورق أمام سطوة التكنولوجيا.
وقال علي جبرين، صاحب مكتبة في سوق الحويش، لـالإخبارية 360: "الكتاب الإلكتروني له جمهوره بالتأكيد، لكنه لن يكون بديلاً كاملاً عن الكتاب الورقي. الناس تلجأ إلى النسخة الإلكترونية لسهولة الحصول عليها وانخفاض تكلفتها، لكن الورق يبقى الأصل ويحمل قيمة معرفية وروحية لا يمكن لأي جهاز إلكتروني أن يمنحها". وأضاف أن الكتب الإلكترونية قد تسبب أضراراً صحية مثل إجهاد العين والصداع وضعف التركيز، بينما يتيح الكتاب الورقي للقارئ التفاعل المباشر عبر التدوين ورسم الخطوط تحت العبارات المهمة، وهو ما يخلق "علاقة خاصة" بين القارئ والكتاب.
من جانب آخر، يؤكد طلبة الدراسات العليا في النجف أن الكتاب الورقي ما يزال المرجع الأكثر اعتماداً في بحوثهم ورسائلهم العلمية لما يقدمه من مصداقية وموثوقية، بينما قد تعاني النسخ الإلكترونية من التحريف أو نقص المعلومات.
وفي الحوزة العلمية، يبدو حضور الورق أعمق وأكثر رسوخاً، إذ يشير طلبة العلوم الدينية إلى أن طبيعة الدراسة الحوزوية تقوم أساساً على قراءة النصوص الأصلية وشرحها ومقارنتها، وهو ما يتطلب التفاعل المباشر مع الكتاب الورقي، معتبرين أن النسخة الإلكترونية لا تمنح الطالب الروح نفسها ولا الأجواء التقليدية التي تراكمت عبر مئات السنين.
وبينما يرى البعض أن المستقبل للكتب الرقمية بفضل خفتها وسرعة تداولها، يبقى الرأي الغالب بين المثقفين والباحثين والطلبة أن الكتاب الورقي لن يندثر، بل سيظل صامداً كجسر يربط الماضي بالحاضر، وذاكرة إنسانية لا يمكن الاستغناء عنها، حتى في زمن تحاول فيه التكنولوجيا فرض سطوتها على تفاصيل الحياة اليومية.